الإجابة
أقول وبالله التوفيق: أولاً: ما يخرج من السبيلين: سواء كان معتاداً: كالبول، أو غير معتاد: كالريح، والدودة الخارجة من القُبُل والذَّكر؛ لقوله جل جلاله: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) النساء: 43، والغائط: اسم للموضع المطمئن من الأرض فاستعير لما يخرج إليه، فيتناول المعتاد وغيره. ولا يشترط فيه السيلان؛ لأنه متى ظهر يكون منتقلاً فيكون خارجاً.
ثانياً: ما يخرج من غير السبيلين إن كان نَجَساً، وسال إلى موضع يجب تطهيره، سواء كان في الوضوء أو الغسل: ويشترط السيلان في الخارج من غير السبيلين؛ لأن تحت كل جلدة دماً ورطوبة، وفيما لم يسل يكون بادياً لا خارجاً، بخلاف السبيلين؛ لأنه متى ظهر يكون منتقلاً فيكون خارجاً. والنجَس: كالدم المسفوح، والقيح - الأبيض الخاثر الذي لا يخالطه دم -، والصديد ـ هو ماء الجرح الرقيق المختلط بالدم ـ فهذه تنقض الوضوء، أما المخاط والدمع والبزاق واللعاب والعَرَق، فلا تنقض؛ لعدم نجاستها.
ثالثاً: النوم مضّجعاً، أو متكئاً، أو مستنداً إلى شيءٍ، بحيث لو أزيل عنه ذلك الشيء لسقط: فإن النوم الذي يكون حدثاً هو: النَّوم مضّجعاً - أي أن ينام واضعاً جنبيه على الأرض -، أو متكئاً - أي بأحد وركيه -، أو مستنداً إلى شيءٍ، بحيث لو أزيل عنه ذلك الشيء لسقط. أمّا إذا نام متربعاً، أو متوركاً، أو نام في الصلاة قائماً، أو راكعا،ً أو قاعداً، أو ساجداً، فلا ينتقض وضوءه؛ لأن النوم على هذه الهيئات لا يبلغ الاسترخاء غايته، بخلاف الصور الأولى، والنعاس نوعان: ثقيل: بأن لا يسمع ما قيل عنده. وهو حدث في حالة الاضطجاع. وخفيف: بأن يسمع ما قيل عنده. وهو ليس بحدث في حالة الاضطجاع. رابعاً: المباشرة الفاحشة: وهي أن يفضي الرجل إلى امرأته ويماس بدنُهُ بدنَ المرأة مجردين مع انتشار آلته وتماس الفرجان؛ لأن مثل هذه سبب غالب لخروج المذي، وهو كالمتحقق، ولا عبرة بالنادر، فيقام السبب مقام المسبب؛ ولأنها حالة ذهول، وإن خرج قليلاً انمسح. خامساً: قهقهة مصلٍّ بالغ يقظان يركع ويسجد: ولا فرق بين أن يكون عامداً أو ناسياً، متوضأً كان، أو متيمماً، ولا تبطل طهارة الغسل، وحد القهقهة: ما يكون مسموعاً له ولجيرانه، سواء بدت أسنانه، أو لم تبد. سادساً: الإغماء والجنون والسكر: وهي تنقض الوضوء على أي هيئة كانت؛ لأنها فوق النوم في الاسترخاء، فإن النائم يستيقظ بالانتباه، والمجنون والمغمى عليه لا يستيقظ بالانتباه؛ ولأن للجنون والإغماء أثراً في سقوط العبادة، بخلاف النوم فالقليل منه كالدوام؛ ولأن القياس أن يكون النوم حدثاً في الأحوال كلها، فترك بالنص، ولا نص في هذه الأشياء، فبقيت على الأصل. سابعاً: قيء ملء الفم: ولو كان مِرَّةً، أو طعاماً، أو ماءً، أو عَلَقاً، بخلاف البلغم، فلا ينقض، والمرَّة: أي الصفراء، وهي: أحد الأخلاط الأربعة، وهي: الدم، والمرة السوداء، والمرة الصفراء، والبلغم، والعَلَق: لغة: دم منعقد، كما هو أحد معانيه، لكن المراد به هنا سوداء محترقة، وليس بدم حقيقة، وشرط أن يكون ملء الفم؛ لأن للفم حكم الخارج حتى لا يفطر الصائم بالمضمضة، وله حكم الداخل حتى لا يفطر بابتلاع شيء من بين أسنانه مثل الريق، فلا يعطى له حكم الخارج ما لم يملأ الفم. وحد ملء الفم: ما لا يمكن ضبطه إلا بكلفة على الأصح. ينظر: تبيين الحقائق 1/10، والعناية، 1/48، وفتح القدير، 1/50، والاختيار، 1/15-16، والبحر الرائق، 1/39، والله أعلم. .