صلاة العشاء على من يسكن في البلاد التي لا يغيب فيها الشفق

السؤال
هل تجب صلاة العشاء على من يسكن في البلاد التي لا يغيب فيها الشفق؟
الإجابة
أقول وبالله التوفيق: من لم يجد وقت الصلاة: كأن كان يعيش في بلد يطلع فيه الفجر قبل غروب الشفق، مثل: ألمانيا وغيرها من بلدان الشمال الأوربي، فهناك فترة من السنة لا يغيب فيها الشفق الأحمر في تلك البلاد، بل يبقى إلى أن يختلط مع شفق الشروق عند طلوع الفجر، اختلف علماء المذهب هل تجب عليه صلاة العشاء أو لا؟ القول الأول: أنه لا تجب عليه الصلاة: ويكون الواجب عليه أربع صلوات، وأفتى به البَقَّالي، ورجع إليه الإمام الحلواني، وتبعه المَرْغينانيّ، وجزم به أبو البركات النَّسَفيّ، وملا خسرو، ورجّحه الحَلَبيّ والشُّرُنْبُلالي، واختاره الحَصْكَفي. واستدلوا لذلك:بانعدام وجود السبب وهو الوقت، فتسقط كما يسقط غسل اليدين من الوضوء عن مقطوعهما من المرفقين. القول الثاني: إنه تجب عليه الصلاة: ولا ينوي القضاء في الصحيح لفقد وقت الأداء، وأفتى بذلك الشيخ برهان الدين الكبير، وصححه ابن الشحنة، واختاره الكمال ابن الهمام، والتمرتاشي، ونصر هذا القول المرجاني في رسالة مستقلة سماها: ((ناظورة الحق في فرضية العشاء وإن لم يغب الشفق)). واستدلوا لذلك: أولاً: بالإجماع على فرضية الصلوات الخمس، وهو عام لأهل الآفاق بلا تفصيل ببن بلد وبلد، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((خمس كتبهنّ الله على العباد))، في سنن أبي داود 1: 115، وسنن ابن ماجة 1: 449، والموطأ 1: 123، وسنن النسائي الكبرى 1: 142. ثانياً: إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال، قلنا: ما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا اقدروا له، في صحيح مسلم 4: 510، وسنن الترمذي 4: 2250، ومسند أحمد 4: 184، والمستدرك 4: 537، فقد أوجب أكثر من ثلاثمئة عصر على صيرورة الظل مثلاً أو مثلين، وقس عليه، فاستفدنا أن الواجب في نفس الأمر خمس على العموم، غير أن توزيعها على تلك الأوقات عند وجودها، ولا يسقط بعدهما الوجوب. وقال الإمام اللكنوي في نفع المفتي والسائل ص193: ((والحاصل إنهما قولان مصححان)). لكن نعمل بالقول الذي يوجب الصلاة؛ احتياطاً، ولا ننكر على من أخذ بقول من لا يوجبها. ينظر: كنز الدقائق ص19، ودرر الحكام 1: 52، وملتقى الأبحر ص56، وغنية المستملي ص231-232، ومراقي الفلاح ص205، والدر المختار 1: 363-366، ونفع المفتي ص188، والدر المختار ورد المحتار 1: 363، والتبيين 1: 81، والذخائر الأشرفية في ألغاز الحنفية ص37، وفتح القدير 1: 197-198، وتنوير الأبصار 1: 242، والله أعلم.
imam icon

أرسل سؤالك إلى المساعد الذكي

إذا لم تكن الإجابات السابقة مناسبة، يرجى إرسال سؤالك إلى المفتي عبر