مفسدات الصلاة

السؤال
ما هي مفسدات الصلاة؟
الإجابة

أولاً: الكلامُ ولو سهواً أو في نوم؛ لأن مباشرة ما لا يصلح في الصلاة مفسد عامداً كان أو ناسياً، قليلاً كان أو كثيراً: كالأكل والشرب؛ فعن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن))، في صحيح مسلم 1: 381، وصحيح ابن خزيمة 2: 35، وصحيح ابن حبان 6: 23. وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: ((كنا نتكلم في الصلاة يكلّم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) البقرة: من الآية 238، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام))، في صحيح مسلم 1: 383. ثانياً: السَّلام: فإن سلم من الصلاة لتحليل الخروج منها، تفسد صلاته إن تعمد السلام، أما إن كان السلام سهواً، فهو غير مفسد؛ لأن السلام من الأذكار، ففي غير العمدِ يُجْعَلُ ذِكْراً، وفي العمدِ يُجْعَلُ كلاماً، أما إن سلم على إنسان وهو في الصلاة، فتفسد صلاته سواء كان عامداً أم ساهياً. ثالثاً: ردُّ السلام مطلقاً: فهو مفسدٌ للصلاة عمداً كان أو سهواً؛ لأن ردَّ السَّلامِ ليس من الأذكار، بل هو كلام وتخاطُبٌ، والكلامُ مُفْسدٌ عمَداً كان أو سَهْواً؛ فعن جابر رضي الله عنه قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فبعثني في حاجة فرجعت وهو يصلي على راحلته، ووجهه على غير القبلة فسلمت عليه، فلم يرد عليّ فلمّا انصرف، قال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي))، في صحيح مسلم 1: 384، وصحيح البخاري 1: 407. رابعاً: الأنين والتأوه والتأفيف: والأنين: بأن يقول: آه آه، والتَّأوَّه: بأن يقول: أواه،فهذه كلها مفسدة للصلاة، إلا إذا كان مريضاً لا يملك نفسه عن الأنين والتأوه؛ لأن أنينه حينئذٍ: كالعطاس إذا حصل بهما حروف؛ فعن ابن عباس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((النفخ في الصلاة كلام))، في مصنف ابن أبي شيبة 2: 67، ومصنف عبد الرزاق 2: 189، وإسناده صحيح. ينظر: إعلاء السنن 5: 51. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: (النفخ في الصلاة كلام))، في مصنف عبد الرزاق 2: 189. خامساً: البكاءٌ بصوتٍ من وجعٍ أو مُصِيبة: إلا إذا كان البكاء لأمر الآخرة: كأن يبكي من ذكرِ الجنَّة أو النَّار، فلا تفسد صلاته؛ لأنه بكاء يدل على زيادة الخشوع، وهو المقصود في الصلاة، فكان بمعنى التسبيح أو الدعاء؛ فعن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء))، في صحيح ابن حبان 3: 30، والمستدرك 1: 396، ومسند أحمد 4: 25، وشعب الإيمان 1: 481.
سادساً: التنحنحٌ بلا عُذْر: بأن لم يكن مدفوعاً إليه، وقد حصل به حروف، فتفسد به صلاته؛ لأن الكلام ما يتلفظ به، وإن كان بعذر بأن كان مدفوعاً إليه لا تفسد صلاته؛ لعدم إمكان الاحتراز عنه. سابعاً: تَشْميتُ العاطس بـ(يرحمك الله)؛ لأنه يجري في مخاطبات الناس. ثامناً: جوابُ خبرِ سوءٍ بالاسترجاع ـ بأن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون ـ، وجواب خبر سارٍ بالحمدلة، وعجبٍ بالسَّبحلة والهيللة ـ وهي أن يقول لا إله إلا الله ـ، أما إذا لم يرد جوابه، وأراد به إعلامه أنه في الصلاة، فلا تفسد؛ فعن جابر رضي الله عنه قال: ((أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق، فأتيته وهو يصلّي على بعيره فكلمته، فقال لي بيده: هكذا، ثم كلَّمته، فقال لي: هكذا، وأنا أسمعه يقرأ يومئ برأسه فلما فرغ، قال: ما فعلت في الذي أرسلتك له، فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي))، في صحيح مسلم 1: 383. تاسعاً: فتحُهُ على غيرِ إمامِه: أما فتحَهُ على إمامِه فلا يفسد صلاة الفاتح والإمام، وإن فتح عليه بعدما قرأ الإمام مقدار ما يجوز به الصلاة، أو انتقل إلى آية أخرى على الصحيح، وإن كان ترك الفتح هنا أولى؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما: ((إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة يقرأ فيها، فالتبس عليه، فلما انصرف قال لأبي بن كعب: قال: نعم، قال: فما منعك أن تفتح علي))، في سنن البيهقي الكبير 3: 212، ومسند الشاميين 1: 437، والمعجم الكبير 12: 313، ورجاله موثقون كما في مجمع الزوائد 1: 169. ينظر: إعلاء السنن 5: 56. وعن علي رضي الله عنه قال: ((إذا استطعمك الإمام فأطعمه))، في مصنف ابن أبي شيبة 1: 417، وصححه الحافظ في التلخيص 1: 284. وعن ابن مسعود قال: ((إذا تعايا الإمام فلا تردن عليه فإنه كلام))، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2: 69: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. عاشراً: القراءة من المصحف؛ لأن الأخذ من المصحف تلقن من الخارج، فتفسد به الصلاة سواء كان المصحف محمولاً أو موضوعاً وسواء قلب المصلي أوراقه أو قلبها غيره؛ فعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن فعلمني ما يجزئني من القرآن، قال: قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله))، في صحيح ابن حبان 5: 116، وسنن أبي داود 1: 220، وسنن البيهقي الكبير 2: 381، فيدلّ على أن من كان معه قرآن قرأ ما تيسر منه، فإن عجز عن تعلمه وحفظه بقدر ما يجوز به الصلاة انتقل إلى الذكر ما دام عاجزاً، ولم يقل أحد من الأئمة فيما علمنا بوجوب القراءة عليه من المصحف، فلو كانت القراءة من المصحف مباحة في الصلاة وغير مفسدة لها كما زعمه بعضهم، لكان ذلك واجباً على العاجز عن الحفظ؛ لكونه قادراً على القراءة من وجه غير عاجز عنها، والانتقال إلى الذكر، إنما هو بعد تحقق العجز عن القراءة من المصحف، فثبت أن القراءة من المصحف ليست بقراءة تصح بها الصلاة. حادي عشر:الدُّعاءُ بما يسألُ من الناس، نحو: اللهم زوّجني فلانة، أو أعطني ألف دينار، فتفسد به الصلاة إذا كان قبل التشهد، أما بعد التشهد فلا؛ لأن حقيقة كلام الناس بعد التشهد لا يفسد الصلاة فكيف ما يشبهه. ثاني عشر: الأكل والشرب؛ لأنهما منافيان للصلاة، ولا فرق بين العمد والنسيان، فكله مفسد للصلاة؛ لأن حالة الصلاة مذكرة؛ لأنها على هيئة تخالف العادة؛ لما فيها من لزوم الطهارة، والإحرام، والخشوع، واستقبال القبلة، والانتقالات من حال إلى حال مع ترك النطق الذي هو: كالنفس، وكل ذلك في زمن يسير، فيكون الأكل والشرب في غاية البعد فلا يعذر. ثالث عشر: كلُّ عملٍ كثير: وضابط العمل الكثير الذي تفسد به الصلاة، هو ما يعلَمُ ناظرُهُ أنَّ عاملَهُ غيرُ مصلّ،أما العمل القليل، وهو ضدُّ الكثير، فهو عفو، ولا تفسد الصلاة به؛ لأن أصله لا يمكن الاحتراز عنه; لأن في الحي حركات ليست من الصلاة طبعاً، فعفي ما لم يكثر ويدخل في حد ما يمكن الاحتراز عنه، ولهذا يستوي فيه العمد والنسيان؛ فعن أبي قتادة رضي الله عنه: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي العاص بن الربيع فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها))، في صحيح مسلم 1: 385، وصحيح البحاري 1: 193. وعن عائشة رضي الله عنه قالت: ((كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتهما))، في صحيح البخاري 1: 192، وصحيح مسلم 1: 367، والغمز هو المس أو العصر برؤوس الأصابع. ينظر: البحر 2: 8-9، وفتح باب العناية 1: 301، ورد المحتار 1: 414.

imam icon

أرسل سؤالك إلى المساعد الذكي

إذا لم تكن الإجابات السابقة مناسبة، يرجى إرسال سؤالك إلى المفتي عبر