الإجابة
أقول وبالله التوفيق: يجب غَسل الفم والأنف في الغسل، بخلاف غسله في الوضوء فإنه يسن ولا يجب؛ لقوله جل جلاله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} المائدة: 6: أي فطهروا أبدانكم، فكل ما أمكن تطهيره يجب غسله، وباطن الفم والأنف يمكن غسله، فإنّهما يغسلان عادة وعبادة، نفلاً في الوضوء وفرضاً في الجنابة. ولأنَّ الفمَ داخلٌ من وجه، خارجٌ من وجهٍ، حسَّاً عند انطباقِ الفمِ وانفتاحِه، وحكماً في ابتلاعِ الصَّائم الرِّيق، فحكمه حكم الداخل إذ لا يفطر به، وهذا آية كونه داخلاً، وفي دخولِ شيءٍ في فمِه، فحكمه حكم الخارج؛ إذ يفطر الصائم به، وهذا آية كونه خارجاً، فجعلَ داخلاً في الوضوءِ خارجاً في الغُسْل؛ لأنَّ الواردَ فيه صيغةُ المبالغة {فَاطَّهَّرُوا}. وعن ابن عباس : «إذا اغتسل الرجل من الجنابة ولم يتمضمض ولم يستنشق، فليعد الوضوء، وان ترك ذلك في الوضوء لم يعد»، في الآثار 1: 13، وقال التهانوي في إعلاء السنن 1: 183: الحديث حسن صالح للاحتجاج، و له شاهد صحيح من مرسل ابن سيرين. فعن ابن سيرين قال: «سنَّ رسول الله الاستنشاق في الجنابة ثلاثاً»، في سنن الدارقطني 1: 115، وصوبه البيهقي وصححه كما في إعلاء السنن 1: 183. وعن علي ، قال : «مَن ترك موضع شعرة من جسده من جنابة لم يصبها الماء فعل به كذا وكذا من النار»، في مسند أحمد 1: 101، ومصنف ابن أبي شيبة 1: 96، وسنن البيهقي الكبير 1: 227، وسنن ابن ماجه 1: 196، والمعجم الصغير2: 179، والأحاديث المختارة 2: 74. قال الخطّابي: «وقد يحتج به مَن يوجب الاستنشاق في الجنابة لما في داخل الأنف من الشعر»، ينظر: إعلاء السنن 1: 180، وتبيين الحقائق 1: 13، وشرح الوقاية ص91، والله أعلم.