الإجابة
الصوم شرط لصحة الاعتكاف الواجب فقط؛ أما التطوع فلا؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع))، في سنن أبي داود 2: 333، وسنن البيهقي الكبير 4: 321، ومصنف عبد الرزاق 3: 168، ومثله لا يعرف إلا سماعاً ولم يرو أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف بلا صوم ولو كان جائزاً لفعل تعليماً للجواز. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: ((لا اعتكاف إلا بصيام))، في المستدرك 1: 606، قال التهانوي في إعلاء السنن 9: 177: وسنده صحيح على قاعدة السيوطي المذكورة في خطبة كنز العمال، وصححه السيوطي في الجامع الصغير. وقال القاسم بن محمد ونافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما: لا اعتكاف إلا بصيام، يقول جل جلاله في كتابه: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة: 187، فإنما ذكر الله الاعتكاف مع الصيام. ولأنه لو نذر الاعتكاف صائماً يلزمه الاعتكاف صائماً، ولولا أنه شرط لما لزمه كما لو نذر أن يعتكف متصدقاً بعشرة دراهم؛ وهذا لأن النذر لا يصح إلا إذا كان من جنسه واجباً مقصوداً؛ لأنه ليس للعبد أن ينصب الأسباب ولا يشرع الأحكام، بل له أن يوجب على نفسه مما أوجبه الله تعالى، ولم يوجب المكث وحده إلا في ضمن عبادة كالقعود في التشهد. ولأن الصوم هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، ثم أحد ركني الصوم وهو الإمساك عن الجماع شرط صحة الاعتكاف، فكذا الركن الآخر وهو الإمساك عن الأكل والشرب لاستواء كل واحد منهما في كونه ركناً للصوم، فإذا كان أحد الركنين شرطاً كان الآخر كذلك. ينظر: التبيين 1: 348، وبدائع الصنائع 2: 109، والمبسوط 3: 116.