سنن الأذان

السؤال
ما هي سنن الأذان؟
الإجابة

سنن الأذان نوعان، سنن ترجع إلى نفس الأذان، وسنن ترجع إلى المؤذن:أولاً: السنن التي ترجع إلى نفس الأذان: الجهر بالأذان: فإنه يسن للمؤذن أن يرفع صوته بالأذان; لأن المقصود من الأذان الإعلام وهذا لا يحصل إلا بالجهر به؛ فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال له صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه الرؤيا حق، فقم مع بلال فإنه أندى أو أمد صوتاً منك، فألق عليه ما قيل لك فينادي بذلك))، في صحيح ابن خزيمة 1: 189، وصحيح ابن حبان 4: 573. الترسل في الأذان والحدر في الإقامة: والترسل: هو التمهّل، والحدر: هو الإسراع؛ لأن الأذان لإعلام الغائبين بهجوم الوقت, وذا في الترسل أبلغ, والإقامة لإعلام الحاضرين بالشروع في الصلاة, وإنه يحصل بالحدر, ولو ترسل فيهما أو حدر أجزأه لحصول أصل المقصود، وهو الإعلام؛ فعن جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم لبلال: ((إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يخلو الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته))، في المستدرك 1: 320، قال الحاكم: إسناده ليس فيه مطعون، وسنن الترمذي 1: 373، ومسند عبد بن حميد 1: 310، والمعجم الأوسط 2: 270. ترك التلحين والترجيع في الأذان: والتلحين: هو التطريب، والخطأ في الإعراب، والتَّرجيعُ هو أن يخفضَ صوتَه بالشهادتين، ثمّ يرجع فيرفعه بهما، فلا يجوز أن يُنْقِصُ المؤذن شيئاً من حروفِ الأذان، ولا يزيد في أثنائِه حرفاً، وكذا لا يُنْقِص ولا يزيدُ من كيفيات الحروف: كالحركاتِ والسَّكنات والمدَّات وغيرِ ذلك؛ لتحسين الصَّوت، فأمَّا مجرَّدُ تحسينِ الصَّوتِ بلا تغييرِ لفظٍ فإنَّه حَسَن؛ فعن يحيى البكاء رحمه الله قال رجل لابن عمر: ((إني لأحبك في الله، فقال ابن عمر: لكني أبغضك في الله، قال: ولم؟ فقال: إنك تنقي في أذانك وتأخذ عليه أجراً))، في المعجم الكبير 12: 264، ومصنف عبد الرزاق 1: 481، يعني التلحين, أما التفخيم فلا بأس به; لأنه إحدى اللغتين. الفصل بين الأذان والإقامة: إلا في المغرب؛ لأن الإعلام المطلوب من كل واحد منهما لا يحصل إلا بالفصل؛ ولأن الأذان لاستحضار الغائبين فلا بد من الإمهال ليحضروا. ويفصل بينهما بالصلاة أو بالجلوس. الترتيب بين كلمات الأذان والإقامة؛ لما روي من الترتيب; ولأن الترتيب في الصلاة فرض, والأذان شبيه بها فكان الترتيب فيه سنة. الموالاة بين كلمات الأذان والإقامة; لأن الملك النازل من السماء والى بينهما، وعليه عمل مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم. استقبال القبلة أثناء الأذان والإقامة: وعليه إجماع الأمة, ولو ترك الاستقبال يجزئه؛ لحصول المقصود وهو الإعلام, لكن يكره تركه تنْزيهاً؛ لتركه السنة المتواترة؛ فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: ((جاء عبد الله بن زيد رجل من الأنصار رضي الله عنهم وقال فيه: فاستقبل القبلة قال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، ثم أمهل هنية، ثم قام فقال مثلها إلا أنه قال زاد بعدما قال حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة...)). الأذان قائماً إذا أذّن المؤذن للجماعة: فيكره له الأذان قاعداً; لأن الناس توارثوا ذلك فعلاً, فكان تاركه مسيئاً؛ لمخالفته إجماع الخلق; ولأن تمام الإعلام بالقيام؛ فعن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال: ((حق وسنة مسنونة: أن لا يؤذن الرجل إلا وهو طاهر، ولا يؤذن إلا وهو قائم))، في سنن البيهقي الكبير 1: 392. أن يجعل المؤذن أصبعيه في أذنيه أثناء الأذان: بأن يجعل أصبعيه في صماخ أذنيه؛ فأذانه بدونه حسن، وبه أحسن؛ فعن بن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: ((رأيت بلالا ً يؤذن ويدور، ويتبع فاه ها هنا وها هنا وأصبعيه في اليسرى))، في سنن الترمذي 1: 375. تحويل الوجه في الحيعلتين يمنة ويسرة: ولو وحده أو لمولود؛ لأنه سنة الأذان مطلقاً، فإنه إذا انتهى إلى الصلاة والفلاح حول وجهه يميناً وشمالاً مع بقاء البدن مستقبل القبلة؛ لأن هذا خطاب للقوم فيقبل بوجهه إليهم إعلاماً لهم: كالسلام في الصلاة؛ فعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: ((أذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يميناً وشمالاً، ولم يستدر))، في سنن أبي داود 1: 142، وسكت عنه، وسنن البيهقي الكبير 1: 395. التكبير جزماً: وهو قوله: الله أكبر، في التكبيرة الأولى من كل تكبيرتين من الأذان وجميع تكبيرات الإقامة, بالضمة إعراباً, أما التكبيرةَ الثانية في الأذان فهي ساكنة الراء؛ للوقف، ورفعها خطأ، ويُسَكِّنُ كلمات الأذانِ والإقامةِ في الأذان حقيقة، وينوي الوقف في الإقامة؛ لأنه لم يقف حقيقة؛ لأن المطلوب فيها الحدر؛ لما روي موقوفاً على إبراهيم النخعي رحمه الله: ((الأذان جزم، والإقامة جزم، والتكبير جزم))، في سنن الترمذي2: 94، ومصنف ابن أبي شيبة2: 74. ثانياً: السنن التي ترجع إلى المؤذن:أن يكون المؤذن عاقلاً: فيكره أذان المجنون والسكران الذي لا يعقل; لأن الأذان ذكر معظم، وتأذينهما ترك لتعظيمه، ولعدم الوثوق بقولهما؛ ولفقد تميزهما، فيتعين إعادة أذانهما وإقامتهما. أن يكون المؤذن رجلاً: فيكره أذان المرأة; لأنها منهية عن رفع صوتها؛ لأنه يؤدي إلى الفتنة، ولأنها إن رفعت صوتها فقد ارتكبت معصية, وإن خفضت فقد تركت سنة الجهر؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((ليس على النساء أذان ولا إقامة))، في معرفة السنن 2: 266، ولم ينقل عن السلف حين كانت الجماعة مشروعة في حقهن، فيكون من المحدثات ولا سيما بعد انتساخ جماعتهن، والخنثى كالمرأة. أن يكون المؤذن تقياً: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين))، في صحيح ابن خزيمة 3: 15، وصحيح ابن حبان 4: 559، وسنن الترمذي 1: 402. أن يكون المؤذن عالماً بالسنة: لينال الثواب الذي وعد به المؤذنين؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم: ((ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم)), في سنن أبي داود 1: 161، وخيار الناس العلماء; ولأن سنن الأذان لا يأتى بها إلا العالم بها. أن يكون المؤذن عالماً بأوقات الصلاة. أن يكون المؤذّن على طهارة: لأن الأذان ذكر معظّم، فإتيانه مع الطهارة أقرب إلى التعظيم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: (( لا يؤذن إلا متوضئ))، وفي رواية: ((لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ))، في سنن الترمذي 1: 390، وقال: هذا أصح من الحديث الأول. أن يكون المؤذن مواظباً على الأذان: لأن حصول الإعلام لأهل المسجد بصوت المواظب أبلغ من حصوله بصوت مَن لا عهد لهم بصوته, فكان أفضل، وإن أذّن السوقي لمسجد المحلّة في صلاة الليل, وغيره في صلاة النهار يجوز; لأن السوقي يحرج في الرجوع إلى المحلة في وقت كل صلاة لحاجته إلى الكسب. أن يؤذن المؤذن في مسجد واحد: فيكره له أن يؤذن في مسجدين, ويصلي في أحدهما; لأنه إذا صلى في المسجد الأول يكون متنفلاً بالأذان في المسجد الثاني, والتنفل بالأذان غير مشروع. أن يقيم الصلاة من أذن لها: فعن زياد الصدائي رضي الله عنه قال: ((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أُؤَذِّن في صلاة الفجر، فأذنت، فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء قد أذن، ومن أذن فهو يقيم))، في سنن الترمذي 1: 383، والسنن الصغرى 1: 207. أن يكون المؤذن محتسباً في أذانه: أي لا يأخذ المؤذن على الأذان والإقامة أجراً؛ فعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال قلت: ((يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم، واتّخذ مؤذِّناً لا يأخذ على أذانه أجراً))، في المستدرك1: 314، وصححه، وصحيح ابن خزيمة1: 221، وسنن أبي داود1: 201، وعن يحيى البكاء قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: ((إني لأحبّك في الله، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لكني أبغضك في الله، قال: ولم؟ فقال: إنك تنقي في أذانك وتأخذ عليه أجراً))، في المعجم الكبير12: 264، ومصنف عبد الرزاق1: 481. والأصل أنّه لا يجوزُ الإجارةِ على الطَّاعات; لأن الإنسان في تحصيل الطاعة عامل لنفسه, فلا يجوز له أخذ الأجرة عليه، لكن لَمَّا وقعَ الفتورُ في الأمورِ الدِّينية يُفْتَى بصحَّتِها؛ فعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه رقا بفاتحة الكتاب، وأخذَ قطيعاً من الغنمِ واقتسمه هو وأصحابه بأمرِ النبي صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتابُ الله))، في صحيح البخاري2: 795. ينظر: البدائع 1: 149-152، واستحسان الاستئجار على تعليم القرآن ص227 المحيط ص151، ورد المحتار5: 34-35.

imam icon

أرسل سؤالك إلى المساعد الذكي

إذا لم تكن الإجابات السابقة مناسبة، يرجى إرسال سؤالك إلى المفتي عبر