الإجابة
أقول وبالله التوفيق: مشكوك في تطهيره للحدث لا في طهارته، أي لا يحكم بطهارته ولا بنجاسته في حق الحدث، فهو مشكوك في تطهيره للحدث، فإن لم يجد ماءً سواه يتوضّأ به ويتيمم، وأياً قَدَّمَ جاز، لكن يجوز إزالة النجاسة الحقيقية به عن الثوب والبدن؛ لأنه طاهر، والشك إنما كان في تطهيره للحدث فقط؛ وسبب الشك فيه تعارض الأدلة فيه، ومنها: عن أنس : «إنَّ النبي أمر منادياً فنادى: إن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس، فأكفئت القدور، وإنها لتفور باللحم»، في صحيح مسلم 3: 1539، وصحيح ابن حبان 12: 79، وشرح معاني الآثار 1: 205، وهذا يدل على حرمة اللحم، فيتنجس السؤر أيضاً؛ لأن نجاسته وطهارته معتبرة بطهارة اللعاب ونجاسته، ونجاسته وطهارته معتبر باللحم. وعن غالب بن الأجر قال: «سألت رسول الله فقلت: إنه لم يبق من مالي إلا الأحمرة، فقال: أطعم أهلك من سمين مالك، إنما كرهت لكم جوالة القرية»، في المعجم الكبير 18: 266، وسنن أبي داود 3: 256، وهذا يدل على إباحة لحمه المستلزمة لطهارة لعابه، المستلزمة لطهارة سؤره. وعن جابر : «إن النبي سئل: أنتوضأ بماء أفضلته الحمر؟ فقال: نعم»، في سنن النسائي الكبرى 1: 249، وسنن الدارقطني 1: 92. وعن ابن عمر : «لا توضؤوا من سؤر الحمر، ولا الكلب، ولا السنور»، في شرح معاني الآثار 1: 20. ثم إنّه لا يمكن أن يكون سؤر الحمار نجساً قياساً على لبنه؛ لكثرة الضرورة في السؤر، وقلتها في اللبن. ثم إنه لا يمكن أن يكون سؤر الحمار طاهراً قياساً على عرقه، فإنه طاهر لكثرة الضرورة في العرق، بخلاف السؤر. ثم إنه لا يمكن قياس سؤر الحمار على سؤر الكلب فيكون نجساً، وعلى سؤر الهرة، فيكون طاهراً؛ للتفاوت باعتبار كثرة الضرورة وقلتها. ينظر: التلويح على التوضيح 2: 210، ومراقي الفلاح ص28، ونفع المفتي والسائل ص26، وكنز الدقائق ص5، والله أعلم.