الأعذار المبيحة للفطر في صوم النفل

السؤال
هل هنالك أعذار تبيح الإفطار في صوم النفل؟
الإجابة

الأصل أنه لا يفطر الصائم نفلاً بلا عذر؛ لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه: ((إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل، وإن كان مفطراً فليطعم))، في صحيح مسلم 2: 1054. لكن هنالك أعذار شرعية للإفطار في صوم التطوع:أولاً: الضيافة: فهي عذر في صوم النفل للضيف والمضيف على الأظهر إن وثق من نفسه بالقضاء، وإن كان صاحبها ممن لا يرضى بمجرد حضوره، ويتأذى بترك الإفطار، أو كان الضيف لا يرضى إلا بأكله معه، ويتأذى بتقديم الطعام وحده إن وثق من نفسه بالقضاء، ينظر: البحر الرائق 2: 310، والفتاوى الهندية 1: 208، والدر المختار2: 429، ورد المحتار 2: 430؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ((صنع رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه طعاماً فدعا النبي وأصحاباً له، فلما أتى بالطعام تنحى أحدهم، فقال له النبي صلى الله عليه: ما لك؟ قال: إني صائم. فقال له النبي صلى الله عليه: تكلف لك أخوك وصنع، ثم تقول: إني صائم، كل وصم يوماً مكانه))، في سنن الدارقطني 2: 178، وغيره. وينظر: الدراية 1: 283، والتحقيق 2: 103، ونصب الراية 2: 465. وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: ((آخى النبي صلى الله عليه بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل. قال: فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. قال: فأكل. فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال: نم. فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم. فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن فصلي. فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حقّ حقّه فأتى النبي صلى الله عليه فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه: صدق سلمان))، في صحيح البخاري 2: 694، وصحيح ابن حبان 2: 24، ودلالته أن سلمان رضي الله عنه كان ضيفاً لأبي الدرداء وأفطر بإصراره ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه بعد اطلاعه على الواقعة، ينظر: إعلاء السنن 9: 161. ثانياً: الحلف: فلو حلف بطلاق زوجته إن لم يفطر ضيفه مثلاً، فإن للضيف أن يفطر ندباً، وإن كان الصوم قضاء، إن وثق من نفسه القضاء، وكان قبل نصف النهار؛ دفعاً لتأذي أخيه المسلم. ينظر: رد المحتار 2: 430-431، والهدية العلائية ص174.ثالثاً: براً بوالديه: إذا نهى أحد الوالدين الولد عن الصوم خوفاً عليه من المرض، فإن الأفضل طاعتهم إن وثق من نفسه القضاء ولو كان بعد نصف النهار إلى العصر، ينظر: التعليقات المرضية ص174، والعناية 2: 362، وفتح القدير 2: 360.رابعاً: طاعة للزوج: فإنه يكره للمرأة صيام نفلٍ إلا بإذن زوجها، إلا عند عدم الضرر به: بأن كان زوجها مريضاً أو مسافراً أو محرماً بحج أو عمرة، ولم يهزلها الصوم في المدة، ولو فطَّرها زوجها وجب عليها القضاء بإذنه أو بعد البينونة الصغرى أو الكبرى؛ لأن الشروع في التطوع قد صح منها إلا أنها منعت من المضي فيه لحق الزوج، فإذا أفطرت لزمها القضاء، ينظر: البحر الرائق 2: 310، والهدية العلائية ص174، وبدائع الصنائع 2: 107؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه: ((لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه فإن نصف أجره له))، في صحيح مسلم 2: 711، واللفظ له، وصحيح البخاري 5: 1993، ومسند أحمد 2: 444، وهو محمول على صوم التطوع؛ لئلا يتعارض مع قوله صلى الله عليه: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))، في مصنف ابن أبي شيبة 6: 545، واللفظ له، وجامع الترمذي 4: 209، وصححه السيوطي. ينظر: إعلاء السنن 9: 163. ولأن له حق الاستمتاع بها ولا يمكنه ذلك في حال الصوم، ينظر: بدائع الصنائع 2: 107-108، وإعلاء السنن 9: 163.خامساً: طاعة لمن استأجره: فإنه ليس للأجير الذي استأجره الرجل ليخدمه أن يصوم تطوعاً إلا بإذنه؛ لأن صومه يضر المستأجر، أما لو كان لا يضره فله أن يصوم بغير إذنه؛ لأن حقّه في منافعه بقدر ما تتأدى به الخدمة، والخدمة حاصلة له من غير خلل. ينظر: البحر الرائق 2: 310، وبدائع الصنائع 2: 107.

imam icon

أرسل سؤالك إلى المساعد الذكي

إذا لم تكن الإجابات السابقة مناسبة، يرجى إرسال سؤالك إلى المفتي عبر